التمييع مع عقائد الكفار الأصليين يبدأ بالتمييع مع المخالف العقدي المنتسب للإسلام، والتمييع هنا المقصود به اعتبار الخلاف العقدي مسألة قديمة غير مهمة ولا تفسد في الود قضية والاختلاف فيها مثل الاختلاف في المذاهب الفقهية وأن باب الاجتهاد فيها مفتوح، فعندما لا ترى في مبدأ هذا الخلاف أهمية فلن يقشعر بدنك إذا سمعت شناعة عقائد الكفار الأصليين في الله سبحانه فأنت قد "بلعت" شناعات أكبر من هذه بكثير، إذ شناعة بعض العقائد المنتسبة للإسلام أكبر بكثير من شناعة عقيدة النصارى
نقل الإمام البخاري في كتابه خلق أفعال العباد:
"قال سعيد بن عمار الجهمية أشر قولا من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى على العرش، وقالوا: ليس على العرش شيء" (1)
فبعض أقوال المنتسبين للإسلام أبعد عن تصور المؤلهة المتدينين أصحاب الكتب السماوية من بعد عقيدة النصارى واليهود! بل تصورهم أقرب لتصور الربوبيين والآرسطيين ممن يعتقدون بإله عدمي غير متشخص ويقولون إن تصور أهل الأديان عن الإله تشبيهي وأنهم يجب أن يشبهوه بالجمادات والممتنعات حتى يخرجوه من أن يكون أشبه بصفات البشر!
وهذا شبيه جدا بكلام بعض الطوائف المنتسبة للإسلام.
فخبرني بربك إذا لم تستشنع هذه العقائد فأي عقيدة ستستشنع بعدها دون الإلحاد المحض الصريح؟! البعض متسق مع نفسه ولا يستشنع اي عقيدة إلا الإلحاد وعنده الباقي كلهم مؤلهة متدينين يرجى لهم الخير
وأما الخلاف في الشرائع فأغلب هؤلاء أساسا يقولون بتكافؤ الأدلة في الفقهيات بل وفي العقيدة فسيكون من الأسهل عليه جدا أن لا يستقبح شيء من شرائع الأديان الأخرى ولا من عقائدهم وهو يرى أن الأدلة عويصة جدا ودقيقة وصعبة حتى داخل إطار الإسلام ويفترض أن الأمر فيه أقرب فكيف في الترجيح بين الأديان نفسها
وقد تختلف أنت مع هذه النظرة مع كونك مميع لكن المقصود هنا، أنه بالفعل بدأ ينتشر التمييع بين الأديان بناء على نظرة تكافؤ الأدلة وعدم استشناع العقائد بشكل فطري، لأن الاستشناع النظري وهو اعتقاد أن هذه العقيدة ثبت بطلانها وشناعتها بعد نظر طويل جدا لا يقتضي تشنيع على معتقدها لأنه يرى أن هذه الشناعات ليست ظاهرة في نفس القول بل في لوازم نظرية بعيدة وهو يرى أن كل العقائد شناعاتها نظرية بعيدة وأنه لا يوجد شناعات ظاهرة بشكل فطري بحق كل أحد عند التأمل المتجرد من الأهواء.
#الغيث_الشامي
(1) ركز أن الجهمية كانوا على التحقيق يقولون ليس على العرش شيء ولا يقولون أنه على العرش كما هو على الأرض (أي انه ليس له مكان لا أنه في كل مكان) وباتفاق لا يوجد جهمية يقولون هو في كل مكان إلا العرش!
وهذا له أدلة غير هذا ليس هذا موضع بسطها، فعقيدة الجهمية حقيقتها (لا داخل ولا خارج العالم)