كلام السلف في حوادث لا أول لها

باب في أن السلف لا يفرقون بين أزلية الصفات الفعلية وأزلية الصفات الذاتية:

قال الإمام الدرامي رحمه الله في الرد على الجهمية والزنادقة:

"له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، وله الأسماء الحسنى، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، يقبض ويبسط، ويتكلم، ويرضى ويسخط، ويغضب، ويحب، ويبغض، ويكره، ويضحك، ويأمر وينهى، ذو الوجه الكريم، والسمع السميع والبصر البصير، والكلام المبين، واليدين والقبضتين، والقدرة والسلطان والعظمة، والعلم الأزلي، لم يزل كذلك ولا يزال، استوى على عرشه فبان من خلقه، لا تخفى عليه منهم خافية، علمه بهم محيط، وبصره فيهم نافذ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فبهذا الرب نؤمن، وإياه نعبد، وله نصلي ونسجد، فمن قصد بعبادته إلى إله بخلاف هذه الصفات، فإنما يعبد غير الله، ليس معبوده بإله، كفرانه لا غفرانه، فنشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله"

وفي موضع آخر من كتابه يقول: (ص: 58)

"ما مدعي هذا بمؤمن، ولن يدخل الإيمان قلب رجل حتى يعلم أن الله لم يزل إلها واحدا، بجميع أسمائه، وجميع صفاته، لم يحدث له منها شيء، كما لم تزل وحدانيته تبارك وتعالى."

ويقول: (ص: 71)

"لأن الحي القيوم يفعل ما يشاء، ويتحرك إذا شاء، ويهبط ويرتفع إذا شاء، ويقبض ويبسط، ويقوم ويجلس إذا شاء؛ لأن أمارة ما بين الحي والميت التحرك.

كل حي متحرك لا محالة، وكل ميت غير متحرك لا محالة"

قال الإمام ابن بطة العكبري:

"وقد فهم من آمن بالله وعقل عن الله أن كلام الله، ونفس الله، وعمل الله، وقدرة الله، وعزة الله، وسلطان الله، وعظمة الله، وحلم الله، وعفو الله، ورفق الله، وكل شيء من صفات الله أعظم الأشياء، وأنها كلها غير مخلوقة لأنها صفات الخالق ومن الخالق، فليس يدخل في قوله {خالق كل شيء} [الأنعام: 102]، لا كلامه، ولا عزته، ولا قدرته، ولا سلطانه، ولا عظمته، ولا جوده، ولا كرمه، لأن الله تعالى لم يزل بقوله وعلمه وقدرته وسلطانه وجميع صفاته إلها واحدا، وهذه صفاته قديمة بقدمه، أزلية بأزليته، دائمة بدوامه، باقية ببقائه، لم يخل ربنا من هذه الصفات طرفة عين"

الإبانة الكبرى لابن بطة ,6/149]

يقول الإمام المزني رحمه الله: 

"وكلمات الله وقدرة الله ونعته وَصِفَاته كاملات غير مخلوقات دائمات أزليات وَلَيْسَت بمحدثات فتبيد وَلَا كَانَ رَبنَا نَاقِصا فيزيد"

قال الإمام أحمد:

"قلنا: وكذلك بنو آدم كلامهم مخلوق، فقد شبهتم الله بخلقه حين زعمتم أن كلامه مخلوق، ففي مذهبكم قد كان في وقت من الأوقات لا يتكلم حتى خلق الكلام، وكذلك بنو آدم كانوا لا يتكلمون حتى خلق الله لهم كلاما، وقد جمعتم بين كفر وتشبيه. وتعالى الله عن هذه الصفة، بل نقول: إن الله لم يزل متكلما إذا شاء ولا نقول: إنه كان ولا يتكلم حتى خلق الكلام. ولا نقول: إنه قد كان لا يعلم حتى خلق علما فعلم، ولا نقول: إنه قد كان ولا قدرة له حتى خلق لنفسه القدرة، ولا نقول: إنه كان قد كان ولا نور له حتى خلق لنفسه نورا، ولا نقول: إنه قد كان ولا عظمة له حتى خلقه لنفسه عظمة."

قال اسحاق بن راهوية:

 "لم يزل الله عالما متكلما، له المشيئة والقدر في خلقه."

(1) «الشنة» لحرب (۳۰۹) واللالكائي (۳۹۷ و 44۷) و«الأسماء والصفات للبيهقي (۱۳۲).

وكما ذكرت فهم ينطلقون في هذا من قواعد تمثل تعاملهم مع جميع الصفات ولم يذكروا أن هناك فرقًا بينها.

فمثلا عند الإمام أحمد يحتج بحجة تصح في كل الصفات ويرى أن هذا اللازم لا يليق بالله كما ترون وكلها يلزم منها نفس اللازم.

قال الإمام البخاري:

 "«ولقد بين نعيم بن حماد أن كلام الرب ليس بخلق، وأن العرب لا تعرف الحي من الميت إلا بالفعل، فمن كان له فعل فهو حي ومن لم يكن له فعل فهو ميت"

وهذه آثار إثبات دوام الفاعلية وتتضمن إثبات أن الله لم يزل فعالا بكل صفاته الفعلية لا أن بعضها معطل وبعضها موجود! 

أخبرنا عبد الله قال قلت لأبي: إن لوينًا محمد بن سليمان الأسدي يقول: (أول ما خلق الله القلم)، والله لم يزل متكلمًا قبل أن يخلق الخلق، فأعجبه هذا واستحسنه.

وانظر هذا الأثر الذي يبدو ظاهره وكأنه فيه إثبات أولية المخلوقات مع أنه على الحقيقة يدل على العكس لمن يفهم

فلوين يريد أن يثبت أن الكلام لا أول له قياسا على صفة الخلق فيقول بما أن الله لم يزل يخلق بكن واول المخلوقات التي نعرفها القلم خلقها بكن اذا لم يزل يقول كن قبلها بلا بداية

فلو كان مذهبه أن للخلق بداية لقيل له حجتك ضعيفة، فكما أن للخلق بداية فكذلك كلمة كن لها بداية قبل أول مخلوق فقط

لا يمكنك أن تثبت ان الله لم يزل يقول كن ويخلق بكلامه إلا إن ثبتت أنه لم يزل يخلق أصلا!

فهذا وجه الحجة إثبات أزلية صفة الكلام بأزلية صفة الخلق وأن الكلام لم يزل يسبق الخلق بلا أول.

نقل البخاري في خلق أفعال العباد: 

"قَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ صَدَقَةَ، سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ، يَقُولُ: " لَوْ سُئِلْتُ أَيْنَ اللَّهُ؟ لَقُلْتُ فِي السَّمَاءِ، فَإِنْ قَالَ فَأَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ السَّمَاءِ؟ لَقُلْتُ عَلَى الْمَاءِ، فَإِنْ قَالَ: فَأَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ الْمَاءِ؟ لَقُلْتُ لَا أَعْلَمُ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] يَعْنِي إِلَّا بِمَا بَيَّنَ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَالْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَالرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ الْحَلَبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَهْلُ الْعِلْمِ: " مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ عَلَى عَرْشِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ زَعَمَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمَ مُوسَى فَهُوَ كَافِرٌ "

فانظر كيف قال في النهاية: "لقلت لا أدري: ولم يقل لقلت هذا أول المخلوقات مثلًا" لأنه يتكلم عن ما يعلم هو من المخلوقات أما قلبها فلا يعلم ماذا خلق الله ولا يجعل جهله حجة على أن الله لم يكن خالقًا لشيء البتة من الأزل حتى صار خالقًا!

قال الامام اللالكائي عن القران:

مكتوب في المصاحف , محفوظ في صدور الرجال , ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن , وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب , بل هو صفة من صفات ذاته , لم يزل به متكلما , ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة. انتهى كلامه

وكما ترون علل ان الله لم يزل متكلما لان الكلام صفة من صفاته فهو يرى ان كل صفاته ازلية لان الله لم يزل بجميع صفاته وهذه العلة مطردة في جميع الصفات! 

يقول الإمام أحمد

"قلنا: لا نقول: إن الله لم يزل وقدرته، ولم يزل ونوره، ولكن نقول: لم يزل بقدرته ونوره، لا متى قدر، ولا كيف قدر.

فقالوا: لا تكونون موحدين أبدا حتى تقولوا: قد كان الله ولا شيء.

فقلنا: نحن نقول: قد كان الله ولا شيء. ولكن إذا قلنا: إن الله لم يزل بصفاته (كلها)، أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفته؟"

يقول الإمام الآجري في الشريعة (1/ 490)

" لَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَالِمًا مُتَكَلِّمًا سَمِيعًا بَصِيرًا بِصِفَاتِهِ قَبْلَ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا كَفَرَ وَسَنَذْكُرُ مِنَ السُّنَنِ وَالْآثَارِ وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ لَا يُسْتَوْحَشُ مِنْ ذِكْرِهِمْ مَا إِذَا سَمِعَهَا مَنْ لَهُ عِلْمٌ وَعَقْلٌ، زَادَهُ عِلْمًا وَفَهْمًا، وَإِذَا سَمِعَهَا مَنْ فِي قَلْبِهِ زَيْغٌ، فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ هِدَايَتَهُ إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَالْبَلَاءُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ"

فالله عند أهل الحديث لم يزل بكل صفاته ومن ضمنها الخالقية قبل خلق أي مخلوق بعينه، ولم يزل متكلمًا ولم يزل يخلق بكلامه ما شاء متى شاء.

وكل حجة نقلية أو عقلية أثبت بها السلف أزلية صفة الكلام فهي تصح في صفة الخلق بل أصلًا الله سبحانه يخلق أكثر خلقه بكلامه فتأمل!

وكل شنعة قيلت فيمن قال أن لصفة الكلام بداية فهي تصح في من قال أن لصفة الخلق بداية

باب في أن الله لا يمكن أن يكون اسمه خالقًا خلّاقا من الأزل وهو لم يخلق شيء

قال اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (2/ 237):

 - أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران , عن أبي بكر بن أبي داود السجستاني قال: من زعم أن الاسم غير المسمى فقد زعم أن الله غير الله , وأبطل في ذلك؛ لأن الاسم غير المسمى في المخلوقين؛ لأن الرجل يسمى محمودا وهو مذموم , ويسمى قاسما ولم يقسم شيئا قط , وإنما الله جل ثناؤه واسمه منه ولا نقول: اسمه هو , بل نقول: اسمه منه , فإن قال قائل: إن اسمه ليس منه , فإنه قال: إن الله مجهول , فإن قال: إن له اسما وليس به فقال: إن مع الله ثانيا"

قال الإمام الدارمي في النقض:

"الله تبارك وتعالى اسمه كأسمائه سواء، لم يزل كذلك ولا يزال، لم تحدث له صفته، ولا اسم لم يك كذلك قبل الخلق، كان خالقا قبل المخلوقين، ورازقا قبل المرزوقين، وعالما قبل المعلومين، وسميعا قبل أن يسمع أصوات المخلوقين، وبصيرا قبل أن يرى أعيانهم مخلوقة."

يقول الدارمي:

"كذلك وهو «الله» سواء. لا يخالف اسم له صفته ولا صفته اسما.

وقد يسمى الرجل حكيما وهو جاهل، وحكما وهو ظالم، وعزيزا وهو حقير، وكريما وهو لئيم، وصالحا وهو طالح، وسعيد وهو شقي، ومحمودا وهو مذموم، وحبيبا وهو بغيض، وأسدا، وحمارا، وكلبا، وجديا وكليبا، وهرا، وحنظلة، وعلقمة وليس كذلك."

هذه ليست كل الآثار في الباب فهي أكثر من أن تُحصى لكن هذا ما خطر على بالي أثناء كتابة هذا المقال.

لماذا يركز بعض السلف على قوله أن الله لم يزل بجميع صفاته قبل أي مخلوق وقبل جميع المخلوقات بأعيانها؟

لأنهم كانوا يردون على فرقة تقول أن الصفات مخلوقة (مثل العلم والكلام واليد وإلخ) 

فأطلق السلف في المقابل عبارات تدفع توهم أن الله اكتسب صفة بخلقه شيء معين، فيقولون الله لم يزل بجميع صفاته قبل أن يخلق أي شيء ولم يكتسب صفة جديدة بخلقه شيء ولم يخلق لنفسه صفة ولم يخلق لنفسه اسما ولا كلامًا.

فهذا وجه ذكرهم ذلك.

هل عبارة " قبل الخلق - قبل خلقه " تدل على وجود أول مخلوق أولية مطلقة ؟ 

قال أحمد رحمه اللّٰه : 

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ قَالَ: " كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ

📔 مسند أحمد حـ١٦١٨٨

قال أبو عبيد: وإنما تأولنا هذا الحديث على كلام العرب المعقول عنهم، ولا ندري كيف كان ذاك العماء.

ذكره ابن المحب الصامت في كتاب الصفات

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

حديث أبي رزين العقيلي المشهور في كتب المسانيد والسنن أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ فقال: ( كَانَ فِي عَمَاءٍ، مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ) فالخلق المذكور في هذا الحديث لم يدخل فيه العماء ، وذكر بعضهم أن هذا هو السحاب المذكور في قوله: ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ )، وفي ذلك آثار معروفة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (2/ 275).

نقل البخاري في خلق أفعال العباد: 

قَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ صَدَقَةَ، سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ، يَقُولُ: " لَوْ سُئِلْتُ أَيْنَ اللَّهُ؟ لَقُلْتُ فِي السَّمَاءِ، فَإِنْ قَالَ فَأَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ السَّمَاءِ؟ لَقُلْتُ عَلَى الْمَاءِ، فَإِنْ قَالَ: فَأَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ الْمَاءِ؟ لَقُلْتُ لَا أَعْلَمُ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] 

-----

قلت:

ووجه الدلالة : أن أبا رزين رضي اللّٰه عنه لما سأل أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ، أجابه رسول اللّٰه أنه كان في عماء والعماء هي السحابة والسحابة مخلوقة 

فثبت أن هذه العبارة لا تدل على نفي تسلسل المخلوقات

وانظر كيف سليمان التيمي حمل أولية الماء على آخر ما يعلم ثم بعدها قال لا أدري ولم يقل هذه أول المخلوقات ولم يكن الله فوق شيء.

#الغيث_الشامي


إرسال تعليق