في مسألة "لفظ الابعاد الثلاثة والجهة والحد والحجم



حتى لا يتيه طالب العلم في هذه المسألة الفارقة بين منهج اهل السنة وبين الجهمية المعطلة

من قصد بكلمة نفي الأبعاد عن الله عز وجل أنه ليس خارج الأذهان وليس بكبير ولا الأرض والسماوات بقبضته يوم القيامة وليس له امتداد في الجهات خارج الذهن يعني ما يسمى لغة "الحجم" وهو نسبة التفاضل بين الموجودات بالكبر والصغر فيقال ان الله أكبر من جميع المخلوقات مجتمعة وهذا من الاخبار عن الله عز وجل تحقيقا لصفاته سبحانه

من نفى هذه المعاني فقد شبه الله عز وجل بالعدم، فانت تثبت أن النملة أكبر من الذرة ثم لا تثبت أن الله اكبر من ذلك كله؟!

قال تعالى : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون .

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الرحمن إلا كَخَرْدَلَةٍ في يد أحدكم".

عن ابن مسعود  قال: «جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي ﷺ حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر. ثم قرأ: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:67]».

واثبات الحد والمباينة لله الذي اطبق السلف عليه وهو لازم العلو ما معناه عقلًا؟ 

حين يقال بائن عن عرشه بحد وفوق عرشه بحد؟ وفوق خلقه بحد؟

أي الحد الذاتي الفاصل الذي ينتهي عنده وجود الشيء ويبدأ وجود غيره فيكون بائنًا عنه وليس هو نفسه! 

قال الامام الدارمي رحمه الله في رده على الجهمي بشر المريسي لعنه الله واتباعه الى يوم الدين:

وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ وَلَا نِهَايَةٌ. وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بنى عَلَيْهِ جهم ضَلَالَاتِهِ وَاشْتَقَّ مِنْهَا أُغْلُوطَاتِهِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ سَبَقَ جَهْمًا إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ.

فَقَالَ/ لَهُ قَائِلٌ مِمَّنْ يُحَاوِرُهُ قَدْ عَلِمْتُ مُرَادَكَ بِهَا أَيُّهَا الأعجمي، وتعني أَن لله لَا شَيْءٌ، يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ إِلَّا وَلَهُ حَدٌّ وَغَايَةٌ وَصِفَةٌ، وَأَنَّ لَا شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ وَلَا صِفَةٌ, فَالشَّيْءُ أَبَدًا مَوْصُوفٌ لَا مَحَالَةَ وَلَا شَيْءٌ يُوصَفُ بِلَا حَدٍّ وَلَا غَايَةٍ وَقَوْلُكَ: لَا حَدَّ لَهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا شَيْءٌ.

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاللَّهُ تَعَالَى لَهُ حَدٌّ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيره، وَلَا يجوز لأحد أَن يتَوَهَّم لحده فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالْحَدِّ ويكل علم ذَلِك إِلَى الله أَيْضًا حَدٌّ وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ فَهَذَانِ حَدَّانِ اثْنَانِ.

انتهى كلامه

وَسُئِل ابْنُ الْمُبَارَكِ: "بِمَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: بِأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ. قِيلَ: بِحَدٍّ؟ قَالَ: بِحَدّ

والأبعاد هو امتداد الشيء في الجهات المكانية فيمين الله ليس كشماله وهناك فرق بينهم والبعد بين الجهات في الموجود هو البعد المقصود بكلمة أبعاد! 

وأما الأبعاض فيد الله بعضه وليست كله! 

هذه حقائق عقلية ضرورية عقلًا وشرعًا ونعم هي لازمة من الوجود بالضرورة العقلية ولو كابرتم فطرتكم وعقلكم.

وقد كرهتم أن يكون وجود الله حقيقي حسي وصرتم الى ما صار عليه المتكلمين من نفي وجود الله الحسي ونفي الجهات عنه والصفات العينية كالوجه واليدين وما الى ذلك

ألم تقرأوا كتب الامام الدارمي والامام احمد وغيره وكيف كانوا يحققون معنى الصفات بحقيقتها العقلية الصحيحة بلا تعطيل؟

نعم.. هو مجيء بحركة! ونزول بحركة! 

نعم الله في الزمان وهو موجود "الان" وفي الماضي والمستقبل وهذا زمان

وهو نعم في مكان! 

الله في السماء أي فوق كل شيء مخلوق 

فوق العرش سبحانه

ونعم هو في جهة

الله في العلو! 

فهل صرنا مجسمة كرامية الآن؟ أهذا منهج السلف يا من حققتم منهج السلف

أم صرتم أنتم مفوضة وجهمية ومتمشعرين دون أن تعلموا! 

خذوها باردة مبردة وإن أبيتم فنارٌ وشرر يكون عليكم

كلام الله العلي الكبير: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 

واسمعوا هذه لكم:

 قال أيوب السختياني : إنما مدار القوم على أن يقولوا ليس في السماء شيء . أخرجه الذهبي في العلو وقال : هذا إسناد كالشمس وضوحاً

فان قلتم نثبت فوق العرش شيء 

قلنا لكم اهو أكبر منه أم أصغر أم يماثل؟

والا كان لا شيء وانطبق عليكم قول السلف في الجهمية والله المستعان

والاخبار عن الله بلازم صفاته الضرورية عقلا حتى لا تكون معطلة ليس من باب الوصف او التسمية او حتى التكييف والتمثيل انما هذه حقيقة معنى الصفة في العقل واللغة دون ان نشبهه بشيء اختص به أحد المحسوسات أو حتى الغيبيات مما هو مخلوق، فهذا باب توقيفي قرائته هي تفسيره وفهمه بلغة العرب الصحيحة من السياق وما قد بينته السنة والقران في هذا الباب وهذا يعلمه أي دارس للعقيدة!

هذه مناصحة لوجه الله

افهموا الحقيقة العقلية للكلام قبل نفيه فباب الإخبار عن الله أوسع من باب وصفه وتسميته

ووالله ما نريد لكم إلا خيرًا! 

حقيقة الأبعاد هي فقط وصف الموجود بأن له امتداد حقيقي مكاني خارج الذهن يمتاز يمينه عن شماله بحيث لا يكون عدمًا محضًا، وتكون الأشياء في جهة منه، والجهات لا يتصور عليها الزيادة أو النقصان كما يتوهم الملاحدة 

فلا شيء اسمه بعد خامس وسادس

واما البعد الثاني والاول وهذا التخريف فهذا فقط في الاذهان

اما في الخارج فلا معنى لشيء ليس له ثلاثة ابعاد الا ان يكون عدما محضًا لا امتداد مكاني له خارج الذهن، وهل يحتمل أن تنظر حولك فتجد جهة جديدة قد زادت أو نقصت؟ أو أن يكون موجود له حد لذاته من اعلى ذاته وادناها ويمينها وشمالها وانه قابل لان ينظر له من كل الجهات الممكنة منه! الجهات الستة التي تمتد بها الابعاد الثلاثة (الطول والعرض والارتفاع) الذي ان لم يوصف الشيء بهم لم يكن أكبر من غيره من الموجودات او أصغر ولا يتصور زيادة جهة امتدادية حقيقية في الشيء غير طوله أو عرضه أو ارتفاعه (الله مصمت لا جوف له) 

 قال مجاهد: (الصمد) المصمت الذي لا جوف له 

وقال الحسن: (الصمد) الذي لا جوف له، وعن عكرمة مثله  

وقال الشعبي: (الصمد) الذي لا يطعم الطعام.

وقال: الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب

فإن قلتم إن حد الله لا تدركه الأبصار قلنا لكن الله يعلم حدّ نفسه سبحانه لا يشاركه أحد من المخلوقات بذلك فلا ينفعكم الاحتجاج بجهل المخلوق فإننا نحتج بعلم الخالق مع تفويضنا هذا العلم له.

والجهات والأبعاد المسماة لغويا الابعاد الثلاثة حقيقة عقلية قد استوعبت جهات الفراغ كله وهي مجرد وصف فقط وليست حقيقة في الاعيان

فلا معنى ان يوجد شيء خارج الذهن دون مكان وجهة من غيره ودون ان يتفاضل امتداده المكاني أو ما يسمى حجمه (بأنه أصغر من كذا أو اكبر من كذا)

ونلزمكم بالأيات والأحاديث فبماذا تلزموننا أنتم؟!

كلامكم عين كلام الجهمية في الله عز وجل انه لا امتداد له خارج الذهن حتى لا يكون جسمًا 

والجسم عندهم ما هو مكون من جوهر وعرض، فهذه الصفات عندهم تقتضي على نظرية ارسطو في الجوهر والعرض التركب من ذلك، فهل انتم توافقونهم على هذه النظرية حتى تنفوا هذه الصفات أو تفوضوا معناها؟

تحتجون علينا بحجج المفوضة الواهية، لا يوجد نص! تقولون نفوض الكيف واذا بكم تفوضون المعنى! 

"قال الجهمي الواقفي أبو العباس للامام أحمد: لا أقول غير مخلوق إلا ان يكون في كتاب الله

فقال الإمام رحمه الله: فتقول أن وجه الله ليس مخلوق؟

فقال الجهمي: لا، إلا ان يكون في كتاب الله نص

فارتعد الامام وقال: استغفر الله، سبحان الله، هذا الكفر بالله، الى اخر قوله"

#الغيث_الشامي

إرسال تعليق