شيوع العلم بالملائكة والشياطين بين الأمم وعلاقة ذلك بالنبوات

 


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"الإقرار بالملائكة، والجن عام في بني آدم، لم ينكر ذلك إلا شواذ من بعض الأمم، ولهذا قالت الأمم المكذبة: {ولو شاء الله لأنزل ملائكة} ؛ حتى قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم فرعون. قال قوم نوح: {ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة} ، وقال: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم أن لا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون} .

وفرعون وإن كان مظهرا لجحد الصانع؛ فإنه ما قال: {فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين} إلا وقد سمع بذكر الملائكة؛ إما معترفا بهم، وإما منكرا لهم.

فذكر الملائكة، والجنّ عامّ في الأمم.

وليس في الأمم أمّة تُنكر ذلك إنكاراً عاماً، وإنّما يُوجد إنكار ذلك في بعضهم؛ مثل من قد يتفلسف، فينكرهم لعدم العلم لا للعلم بالعدم."

- النبوات

___

قلت: فهذه آية على جنس النبوة العام في البشر وأن بقايا النبوات متوافرة فمعظم الأمم المعروفة حتى اليوم شائع فيها ذكر الملائكة والشياطين والسحر في مشارق الأرض ومغاربها، فضلًا عن ذكرهم للإله فهذا أمرٌ أظهر وأعم، بل فكرة الدين نفسه شائعة بينهم وحتى الأديان الفلسفية المحضة فهم يربطونها بالآلهة فوق البشرية، فالقدر المشترك بين كل هذه المعتقدات متواتر بين كل الأمم المعروفة من زمن قديم وإلى اليوم فهو أمر متوارث في الوعي الجمعي للشعوب ومخزون في لغاتهم.

وكذلك ذكر شيخ الإسلام أن إنكار بعض الناس له لمجرد عدم علمهم بخصوصهم، وهذه شبهة باردة تكثر عند من يظن في نفسه الذكاء فينكر ممكنات عقلية أسندها بعض الناس للحس أو للخبر بدعوى أنها مخالفة للعقل، فلا يفرق بين العقل الضروري والعادة الحسية النسبية، ومع ذلك فهو يظن نفسه عقلانيّا لا تمرُّ عليه الخرافة، مع أن ما يقوم به خرافة منطقية (مغالطة) إذ يسوي بين عدم العلم والعلم بالعدم.

واليوم هناك ملل كاملة مبنية على مثل ذلك مثل "الفلسفة الطبيعية" المبنية على الجزم بنفي الغيب لمجرد عدم العلم به من طريقهم.

#الغيث_الشامي


إرسال تعليق