في أنواع الدعاء والغاية منها



قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"ولفظ دعاء الله في القرآن يراد به دعاء العبادة، ودعاء [المسألة] ؛ فدعاء العبادة يكون الله هو المراد به، فيكون الله هو المراد. ودعاء المسألة يكون المراد منه؛ كما في قول المصلي: {إياك نعبد وإياك نستعين} ؛ فالعبادة إرادته، والاستعانة وسيلة إلى العبادة إرادة المقصود، وإرادة الاستعانة إرادة الوسيلة إلى المقصود، ولهذا قدم قوله: {إياك نعبد} ، وإن كانت لا تحصل إلا بالاستعانة؛ فإن العلة الغائية مقدمة في التصور والقصد، وإن كانت مؤخرة في [الوجود]  والحصول، وهذا إنما يكون لكونه هو المحبوب لذاته.

لكن المراد به محبة مختصة به على سبيل الخضوع له والتعظيم، وعلى سبيل تخصيصها به؛ فيعبر عنها بلفظ الإنابة، والعبادة، ونحو ذلك"

-النبوات

__

قلت: فهذا فيه ضبط لبوصلة تصورات المسلم، إذ دعاء الوسيلة الذي هو لقضاء الحاجات، يفترض فيه أن يكون يتبعه تصور لعلاقة ما تربط هذه الوسيلة بالغاية النهائية وهي رضى الله المستلزم لمحبته وآثارها (النعيم الأبدي الدائم) والذي فيه كمال حال النفس في الدنيا بالرضى والآخرة في الجزاء والثواب.

وعلى هذه المسطرة تكون كثير من أدعيتنا دنيوية محضة لا صلة لها بمعنى الحياة ولا الغاية من وجودنا، بل كثير ما نستعين الله على ما نعلم أن وقوعه سيفضي بنا إلى المعاصي!

بل حتى الدعاء خرج عن مفهوم العبادة والاستعانة إلى مفهوم الأمر والاستحقاقية عند بعض الناس، فصار يسخط إن لم يعينه الله على ما يريد، وكأن مشيئته مقدمة على مشيئة الرب التكوينية فيما يريد أن يدبر فيه ملكه لا العكس!

فسبحان الله

#الغيث_الشامي

#الدعاء

إرسال تعليق