[ قاعدة في التعامل مع الألفاظ المجملة التي لم ترد في الشرع في باب العقيدة ]

2 وقت القراءة


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفته به رسله، نفيا وإثباتا، فيثبت لله ما أثبته لنفسه، وينفي عنه ما نفاه عن نفسه وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه، مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد : لا في أسمائه ولا في آياته فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى : {وَلِلّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأعراف : 180 ] وقال تعالى : {إن الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ } [ فصلت : 40 ] الآية." (1)

وقال في موضع آخر:  "وإذا كان كذلك فالواجب أن يجعل ما بعث الله به رسله من السماء والكلمات هي الأصل والرد عند التنازع في النفي والإثبات وأما سائر ما يتكلم الناس به من نفي وإثبات فيرد إلى ذلك فما وافقه فهو الحق وما خالفه فهو الباطل وإذا كانت الألفاظ مجملة تحتمل ما يوافق كتاب الله وما يخالفه لم تقبل مطلقا ولم ترد مطلقا بل يقبل منها ما وافق كتاب الله ويرد ما خالفه والمنافق المذموم الذي ذمه الله ورسوله هو من أظهر الإيمان بالكتاب والرسول وموالاة المؤمنين وأبطن نقيض ذلك فأما من استعمل التقية مع غير كتاب الله ورسوله وأهل الإيمان فليس هو هذا المنافق وإذا كان كذلك فالجهمية نفاة الصفات تنفي الجسم وملازمه نفاقهم في الإيمان بالله والرسول فإنهم يظهرون الإيمان بالقرآن وبما جاء فيه من أسماء الله وصفاته التي هي من آياته وهم عند التحقيق غير مؤمنين بذلك بل هم منافقون في كثير من ذلك يحرفون الكلم عن مواضعه ويلحدون في أسماء الله وصفاته وذلك مضموم إلى منافقتهم في المعقولات حيث يبغون اتباع المعقول وهم من أعظم الخلق جحودا للمعقولات ففيهم من السفسطة في العقليات والقرمطة والنفاق في الشرعيات مما لاينضبط هنا وهذا من أعظم الأمور دناة وبطلانا في العقل والدين بإجماع المسلمين" (2)

--------

(1) الرسالة التدمرية - المطبعة السلفية (2/ 4)

(2)  بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (5/ 387)

[ قلت: إن ديندن المتكلمين والفلاسفة هو الإقرار (أمام العوام) المجمل بألفاظ الكتاب والسنة وتأويلها وتحريفها بما يجعلها لا حقيقة لها إلا كونها لفظ لا معنى له في نفسه ثم يضعون له هم معنى أن يتركونه لفظًا أعجميّا مجردًا عن المعنى، وهم يمارسون التقية ومنهم من يتوقف في ألفاظ تفسير السلف للصفات بحجة أنها ألفاظ لم تر د بالشرع مثل "الحد والمماسة والجهة والكيف، وما إلى ذلك، فمن الواجب البيان أن التوقف في مثل هذه المعاني هو صنيع غير سلفي ولا يكسر شوكة الجهمية ولكن إن استخدم فهو في مقام الرد لا التقرير ولو كان معناه مقبوًلا، لكن لك مقام مقال ]

#الغيث_الشامي

إرسال تعليق