هل ما كان حلالًا ثم حرم فلا يصح أن يقال إنه قبيحٌ عقلًا؟

2 وقت القراءة

حقيقة الأمر كل ما كان حرامًا فهو قبيح حال تحريمه، والشرع كاشفٌ عن قبحه 

وكل ما يحلله الشرع أو يندب إليه أو يوجبه فهو فيه المصلحة الراجحة ولو كان فيه بعض الشر

والشرع يحلل الشيء حال كونه فيه مصلحة راجحة ويحرمه حال كونه فيه مفسدة راجحة

وقد يكون الشيء في نفسه قبيحا مستقذرًا ويبيحه الشرع في حال تغلب فيها الضرورة مع بقاء أصل الضرر موجودًا مغمورًا بضرورة أكبر

وقد علمنا أن الخمر حرم بالتدريج مع كونه لم يزل قبيحًا عقلًا ومضرًا بشاربه.

وقد رأيت أحد المشايخ بارك الله في علمه يستدل على أن المتعة ليست بقبيحة "عقلًا" لكونها كانت مباحة، وهذا ليس لازم بغض النظر عن تحرير الموقف في نفس الأمر

لكن المقصد بيان عدم التلازم بين الأمرين بل كل ما حرمه الشرع فالعقل يستدل بمجرد ذلك على قبحه في نفس الأمر حال تحريمه وأن مفسدته هي الراجحة وإلا لما حرمه الشرع على هذه الأمة المعينة فكيف وقد حرمه على كل البشر.

ولينتبه إلى أن التثريب على من قال أنه فاحشة مطلقًا وقبيحًا لا يمكن أن ينغمر في مصلحة بحيث يمتنع أن يأتي شرع من الشرائع الصحيحة به وهذا فاسد قطعًا وليس الكلام عن ذلك هنا فلينتبه

وهذا ينطبق أيضا على من تعبد بما شرع لليهود والنصارى بعد نسخ شرائعم

فقد عادت هذه الأحكام بعد نسخها قبيحةً بل يكفي في قبحها أنه مخالفة لأمر الله ولو أنها باقية على حسنها لما كانت نسخت أصلا 


وقد بحث عدد من العلماء مبحثًا وهو "هل الكفار مخاطبون بأصول الدين وفروعه (على مافي هذه القسمة من نظر)" ومثال ذلك هل يأثم الكافر على تفويته كل وقت صلاة ومذهب أهل الحديث أنهم مخاطبون بكل ما جاء به الدين بموجب كونهم مكلفين.


فقد علمنا أن كل ما أمر الله به البشر وخاطبهم فهو محبوب له وبه المصلحة الراجحة والخير في معاش الناس ومعادهم وخلافه فمبغوض قبيح حال النهي عنه أو حال نسخه 


فمثلا من صلى لبيت المقدس بعد نسخ الحكم مع علمه بوقوع النسخ فلا تقبل صلاته!


فيجوز أن نستقبح من النصارى أحكامهم التي يطبقونها اليوم ويزعمون نسبتها لكتابهم مع كونها مخالفةً لشرعنا 


لكن ليس لنا أن نقول أنها إن صحت في شريعتهم قبل نسخها فقد كانت وحشية مطلقًا وقبيحة مطلقا في كل زمان ومكان


بل يكفي في الاحتجاج أنها الآن قبيحة وقد يعلم قبحها بالعقل فمن ذلك مثلا أن يقال:


كيف تجيزون لأنفسكم قتل الموحدين وإبادتهم وقتل أطفالهم على أنهم كفار مع أنكم أولى بالكفر منهم وأنتم مشركون! 


فهذا خطاب عقلي ولا نسلم لمن أخرجه من الخطاب العقلي.


إذا المسألة فيها فرق دقيق


بين قول القائل كذا قبيح مطلقا في كل شرع


أو كذا قبيحا الآن لكون الشرع جاء بتحريمه على كل البشر وقد استبان لنا بعض الحكم من تحريمه وصار يعتبر معصية (صغيرة كانت أو كبيرة) بل بعض ما ينسبونه لكتبهم هو من جنس الكبائر عندنا


إرسال تعليق